هل ما أراه بعيني الآن حقيقي؟
يتردّد داخلي هذا السؤال وأنا أحدّق في الشاشة التي أمامي، أتمعّن في أرقام تشير إلى أكثر من عشرة آلاف متابع لصفحتي على منصّة فيسبوك “العدد الحقيقي وقت نشر الرسالة 11,400 مُتابع”. لا أنكر أنني فكّرت أن هناك خدعة تسويقية ما من قَبَل الشركة، فأنا لا أستطيع معرفة إن كانت كل هذه الأعداد تشير إلى أعضاء حقيقيون يحدّقون بشاشات أجهزة حاسباتهم أو هواتفهم مثلي، أم أنها مُجرد حسابات افتراضية يتم إضافتها بشكل آلي. لكن رسائل بعضهم الخاصة، وردودهم على بعض منشوراتي جعلني أصدّق أن هناك من يقرأ ما كتبته حقًا.
سألتني ابنتي يوم أمس عندما شاهدت هذه العدد الضخم من المتابعين، ” لماذا تريد أن تصبح مشهوراً يا أبي؟” استوقفني سؤالها وأنا ألمح ابتسامة زوجتي التي تعرف إجابتي المُسبقة التي لم تتغيّر منذ زمن بعيد. أخبرتها بأن هدفي ليس أن أكون شخصًا مشهوراً رغم النشوة التي تحملها الشُهرة، وإنما رغبتي هي أن تصل كلماتي إلى الناس، أن يقرأ حروفي انسان يجد فيها سلوى لحزن داخله، أو أن تلمس روحه لتخبره بأنه ليس وحده في هذا العالم. هذا العدد من المتابعين والذي أراه أمامي يثبت أنني لست وحدي، بل أن هناك آلاف يشبهونني، إن صفحتي ما هي إلا وطن يجمع بيني وبين من يشبهني في بعض مني!
عانيت كثيرًا منذ صغري من الأذى النفسيّ الواقع عليّ من الآخرين بإنكارهم عليّ جدوى الكتابة والتعبير عن مشاعري حُبّا أو كُرهًا، خوفًا أو أملًا. انزويت بحروفي أخفيها عن أعين العالم لأنأى بروحي من ألم السخرية ووجع التهكّم. أتظاهر بأنني منهم وأنا لا أنتمي لهم، أدّعي لامبالاة مُصطنعة عندما أكون بينهم، وحين أفارقهم أكتب لنفسي لأداويها حينًا وأحفّزها أحيانًا كثيرة. أدركت مُتأخرًا أن الكثير ممن يحبطوننا ويحاولون الإساءة إلينا، هم بالأساس يريدون إخفاء ضعفهم أو قبحهم أو جهلهم؛ لا أن يرشدوننا إلى الطريق الصحيح. مسجونين في ضيق أفقهم يرغبون في أن نكون نُسخًا مُكررة منهم، عاجزين أن يفهموا أن الحياة اختلاف.
لا أؤمن بالصدفة إلا كونها رحمة من الله وطريق هداية وحكمة، لهذا رزقني الله بأصدقاء دفعوني للخروج من منطقتي الآمنة، لم يكن من اليسير أن ترى كلماتي النور بعد ظلمة طويلة حبيسة قوقعتي الخاصة. بعضهم قرأ كلماتي في غفلة منّي، وبعضهم قرأها بعد أن عرضتها عليه على استحياء عندما وجدت في عينيه اهتمام، إلا أن جميعهم اتفق على أنه من المؤسف أن تظل كلماتي أسيرة خوف من تنمّر الآخرين.
أشعر بالامتنان إلى أولئك الأصدقاء الذين لولاهم ما كانت كلماتي هنا على هذه الصفحة، تجوب العالم حيث يقرأها – كما تشير الإحصائيات- أشخاص من الجزائر، مصر، العراق، تونس، المغرب، ليبيا، موريتانيا، الصومال، سوريا، لبنان، الأردن، عُمان، الكويت، السعودية، البحرين، فلسطين، اليمن وتركيا. لم أكن هنا لولا سلمى ومحمد وأماني ورامي وندى وهيفا وفهد وليندا ويزيد. إيمانهم بي جعل مني شخصًا أفضل، أصبحت أكثر جرأة على نشر كتاباتي بعد أن أدركت أن هناك الكثير في هذا العالم يشبهني. اليوم… ومع متابعتكم لصفحتي بت أكثر ثقة في قلمي.
إن الأرقام الضخمة لا تعني لي الشيء الكبير. في رأيي أنها تدل على رقمنة الأشخاص بدلًا من أن تميّزهم. لهذا فأنا لا أكتب بشكل جمعي، وإنما أحاول أن أخاطب كل روح منكم بشكل مُنفرد، أن أكون صديقًا لكل واحد منكم. ولأن لكل مِنّا أحلامه وأحزانه ومشاعره، فأنا مثلكم أيضًا ولكن الفارق بيننا أنني أرسمها حروفًا وأشارككم إياها، وكل ما أرغب فيه أن تستقطعون برهة من الوقت لقراءة كلماتي في هدوء لائق. ورغم قِصَر الوقت الذي يجمعنا في أي مقال كتبته، إلا أنني آمل أن تكون لكلماتي تأثير في حياتكم بشكل ما.
إلى أصدقائي… إلى متابعي الصفحة… إلى كل من قرأ لي حرفًا.
شُكرًا لكم بحجم السماء لأنكم ساعدتموني على الاستمرار بالكتابة…
شُكرًا لكم لأنكم ساعدتموني أن أكون أنا!
أحمد فؤاد
25 شباط 2019
رابط صفحة عندما أكتب على فيسبوك
وفقك الله وجعلهم شاهدين لك لا عليك يا احمد.
إعجابLiked by 1 person
آمين يارب العالمين… شكرًا للمرور 🌹
إعجابإعجاب
تقف الكلمات عاجزة عن وصف روعة وسلاسة وقرب كتاباتك إلى القلب والعقل معا. أنت من الأشخاص النادرين في هذه الأيام الذين يستطيعون أن يجذبوا من حولهم بنقاشهم أو بكتاباتهم وتستحق أن تبصر كتاباتك النور وتنتشر لتصل إلى أقاصي العالم وليس فقط هذه الدول .
أتمنى لك كل التوفيق وبانتظار كتاباتك وجديدك دائما
إعجابLiked by 1 person
أشكركِ ليندا على تعليقكِ الجميل ،وأتشرّف دومًا بقراءتكِ.
آمل أن أكون عند حُسن الظن دومًا.
لكِ مني كل الود 🌹
إعجابإعجاب
مبارك أحمد
وعقبال10000000مليون قارئ لك
فالحرف الصادق يصل الى القلوب بلا استئذان،الحرف طفل مشاكس يعبث في كل زمن ومكان وكل سن وكل قصر وحارة وكوخ ويتعرش كعريشة الياسمين فوق القلوب
نحن من نشكرك على حروفك التي نجد فيها جفافنا وخصبنا..دمعنا وفرحنا..حزننا وسعادتنا هكذا يكون الحرف (أقرب الأشياء الى الوجدان هو الوحيد الذي نجد فيه أنفسنا على حقيقتها
مبارك نجاحك الدائم أخي أحمد ومن نجاح لنجاح باذن الله
إعجابLiked by 1 person
الصديقة الغالية سلمى…
كيف يمكن للمرء أن يشكر من يؤثرون في حياته بشكل جذري؟ تُرى هل هناك نوع من الشكر يكفيهم؟ لأ أظن ذلك.
منكم أستمد وجودي ويصبح لحرفي معنى.
شكرًا من القلب لأنكِ دومًا هنا ❤️
أحمد
إعجابLiked by 1 person
الف مبرووووك وعقبال المليون .. جميل طرحك استمر ..
🙏🏽
إعجابLiked by 1 person
شكرًا لك من القلب ❤️
إعجابإعجاب
سعادتك أظنها ليست بمقدار سعادتي التي لا تحتملها غيمة، طير، وربما سماء!
صوتك ، أحاسيسك، أفكارك، كلها تتشرّب عبر الكلمات التي تنثرها هنا في المدونة، هنا تكون حراً!
كغيمة، كطير، كسماء.
ومرحى للأحرار في عالم الكتابة في المدونات.
إعجابLiked by 1 person
كنت سببًا رئيسًا في وجودي هنا يا يزيد، لهذا لا أظن أن إسعادك بالأمر اليسير وإنما هو واجب.
أشرت لي عبر الغيوم عن عالم يقبع خلفها تزيّنه أشعة الشمس. فرحلت إلى سماء شاسعة بهيّة الألوان.
سماء واحدة تجمعنا… سماء واحدة تسمع أسرارنا.
ودّ لا ينتهي 🌹
إعجابإعجاب
فعلاً لا ينتهي. ❤️🌹
إعجابLiked by 1 person
ألف مبروك يا أحمد
مشاعرك الصادقة وصلت لقلوبنا من خلال كلماتك الجميلة.. شكرا لك أحمد لمشاركتنا هذا الجمال.. والشكر الجزيل لأصدقائك لوقوفهم بجانبك وتشجيعك لتواجه مخاوفك.
دائما ما تبهرنا بمواضيعك وأسلوبك المميز.. أتمنى لك التوفيق والنجاح الدائم باذن الله
إعجابLiked by 1 person
شُكرًا سماهر على إطرائكِ الجميل، وأقدّر دعمكِ الدائم.
سعيد أن مواضيعي قد حازت على إعجابكِ.
لكِ مني كل الود.
أحمد 🌹
إعجابإعجاب